المشاركات

عرض المشاركات من 2022

أنت صح!

  قرأت لنجيب محفوظ هذا النص الجميل: عندما تتحول فجأة لشخص لا يُعاتب أحدًا، يتجنب المُناقشات التي لا جدوى منها، ينظر للراحلين عنه بهدوء، ويستقبل الصدمات بصمتٍ مريب، فاعلم أنك بلغت أقصى مراحل النضج! ولأصدقكم القول، أن صفة تجنّب النقاشات هذه باتت هي أقرب الصفات التي حظيتُ بها مُنذ أن بلغت عقدي الثالث قبل سنتين، حيثُ أدركتُ تمامًا بأن لا طائل من النقاشات العقيمة. توصلت لقناعة بأنك على صح يا صديقي حتى يتبيّن لك عكس ذلك. أنا مؤمن تمامًا بأن لك الحق في أن أُبيّن لك الحقيقة التي قد تكون غائبة عنك ولكن ذلك لن يأخذ مني أكثر من محاولتين إلى ثلاث بالكثير! هذا صديقي العزيز جدًا عبدالعزيز، مع بزوغ فجر لقاحات كورونا مطلع العام 2021، كنت أتناقش معه بشراسة بأن هذه اللقاحات ستكون آمنة بحول الله، وأشرح له الفتح الكبير الذي منحنا إياه رب العالمين بالتقنيات التي توصل لها العلم الحديث في علم اللقاحات، وكانت إجابته في كل مرة بأن ما يحدث هو مؤامرة مُدبّرة من بيل غيتس والغرب! عبدالعزيز استمر في إرسال التغريدات التي تؤيّد رأيه، وأنا استمريت بتفنيدها بالأدلة العلمية، حتى وصلت لقناعة بأنك تستطيع أن تُغيّر جبل من

هّونها!

توفي والدي وأنا في الثالثة من عُمري، تكبرُني أختي منال بسنتين ويصغرُني عبدالله بمثلهم، كان المجتمع آنذاك يعتبر الابن الأكبر هو الوريث الشرعي لأبيه في تربية الابناء وقضاء حوائجهم والقيام بجميع مهام البيت! لأكون صادقًا، كان خالي إبراهيم هو ذاك الوريث الشرعي، إلا أن حكمته اقتضت بأن يصنع مني رجلًا في وقت مُبكر من العُمر، فما أن بلغت التاسعة أو أقل من عمري إلا وقد أولى لي العديد من المهام، حاول أن يجعل مني رجلًا تعتمد عليه والدتي 'تحسبًا في حال رحل هو لسبب أو آخر'! هذه الحياة وإن كانت قد صعنت مني رجلًا صغيرًا في ذلك الوقت، لكنها جعلتني أجهل بأبسط أساسيات الحياة، فقد كنتُ جادًا جدًا، لا أضحك عندما يُلقي عبدالله نكتةً سخيفة كما يفعل بقية أقراني، ولم أكن لأبكي في المواقف التي تستحق ذلك، كما عندما رحل أغلى شخص على قلبي خالي إبراهيم، بحجة أني 'كبير' ولا يجب أن أتصرف مثلُ الصغار، يا لها من حياة بائسة يا صديقي! والحقيقة أنني اكتشفت بعد ذلك بأن الحياة لا تستحق كل تلك الجدية، بل أن الحياة تعشق من يكون 'أحمقًا' صدّق ذلك! إنّ الشمعة التي أنارت بصيرتي كانت مذكرات لأحد أصدقائي ال