المشاركات

عرض المشاركات من 2020

شكرًا عبدالعزيز!

 قال لي صديقي عبدالعزيز ذات مرّة :" يُوسف، أنت تتمتع بكاريزما القائد وحسن اتخاذ القرار"! رُبما كانت مجاملة منه أو تنبؤ، لا أعلم حقيقة، ولكن ما أنا مُتأكدًا منه أنها غيّرت الكثير في نفسي، فقد تسللت كلمات عبدالعزيز إلى أعماقي وغيّرت شيئًا ما! كُنت قبل كلماته بسنتين فقط قد فقدت مُلهمي وموجّهي الأول، خالي إبراهيم، ثم بعدها بفترة وجيزة فقدت ابنتي قبل سماع صرخاتِها الأولى، ومن حينها تحولت لإنسان ضعيف، مُهشّم من الداخل، لا أستطيع تحديد ما سأفعله غدًا من شدّة اليأس، إلا أن كلمات عبدالعزيز هذه أنسابت بين خلايا دماغي الرمادية وجعلتني أبحث في أعماق نفسي لأرى الحقيقة التي تحاول الظروف اخفاؤها، واليوم أستطيع القول بإني أصبحت رجُلًا مختلفًا تمامًا بفضل الله عز وجل ثم كلمة. هذه القصة وغيرها من القصص عبر التاريخ تؤكّد مدى تأثير الكلمة وسحرها في تغيير الأحوال، فالكلمة هي بوابة المستقبل التي يُحدثونا بها في الروايات. تقول ويلما رودولف -الفائزة بأربع ميداليات في الأولمبياد- :" أخبرني الأطباء بأنني لن أستطيع المشي مجددًا، وكانت أمي تقولُ لي بأنني أستطيع، فصدقت أمي". ويلما كانت قد أصيبت

خيره!

ماذا لو علِمت يا صديقي بأن جائحة كورونا التي عطلت سير الحياة في عام ٢٠٢٠ قد حالت دون وقوع حربًا نووية كانت ستقضي على نصف البشرية، أو ساهمت بالتقليل من ذوبان الجليدين القطبيين بسبب تحسّن ظاهرة الاحتباس الحراري، أو حتى منعتك من السفر إلى جُزر الفلبين التي تعرّضت لفيضانات أودت بحياة الكثير مطلع العام الميلادي، فـ هل ستُدرك حينها بأن أصعب الأمور تحمل في طيّاتها خير ؟! دعني أخبرك أيضًا بقصة الرجل الاندونيسي 'سوني سيتياوان' الذي نجى من تحطم طائرة 'ليون آير' في أكتوبر ٢٠١٨ قبالة سواحل جزيرة جاوة بسبب تأخره لمدة عشرُ دقائق فقط عن الإقلاع، لك أن تتخيل مدى الإحباط الذي عاشه بعد وصوله للمطار، ومدى الفرح الذي شعر بهِ عندما علِم بأن الحياة قد مُنِحت له من جديد. قصّة سيتياوان هذه هي واحدة من آلاف القصص التي تُخبرنا عن مدى لُطف الله سُبحانه وتعالى في تصريف الأمور، والتي نُدرك من خلالها أيضًا مدى محدودية إدراك عقل الإنسان للكثير من الأمور من حوله. بل ومن أشهر القصص التي تتردد على اسماعنا، هي قصة موسى عليه السلام مع الخضر، فعلى الرغم من أن موسى نبيّ إلا أنه لم يُدرك بأن خرق السفينة كان

سِرُّ النجاح في التوازن!

  قال لي صديقي 'الخبير بعالم السيارات' معلومة لا أعلم مدى صحتها بأن توازن السيارة وثباتها يُعتبر من أكثر المميزات التي تُساهم في زيادة أسعار السيارات، ولهذا السبب يتخطى سعر السيارات الألمانية مثلًا حاجز المئه وخمسون ألفًا في حين أن السيارات الكورية لا تصل إلى هذا الحاجز حتى في أعلى فِئاتها. بغض النظر عن معلومة صديقي هذه التي لا تبدو بأنها مُهمة لفئة كبيرة منّا -وحتى أنا أيضًا-، إلا أن عبارته تبدو صحيحة جدًا عندما نُطبقها في حياتنا اليومية، فالتوازن هو أهم صفة يجب أن تتوفر لتحقيق النجاح. فمثلًا، فريق كرة القدم يحتاج بأن يُدافع ويُهاجم بنفس التوازن ليفوز باللقب، وصانعة الحلوى بحاجة لأن توازن بين معاييرها لتصل للوصفه المثالية، وكذا الحلاق والطيّار وحتى الطفل عندما يخطو خطواته الأولى. جميعنا نحتاج للتوازن في أمور حياتنا، فمُعظمنا زعمنا بأننا سنجتهد بأقصى ما نملك مع بداية العام الدراسي الجديد ولن نسمح لأنفسنا بالخروج حتى نُحقق الدرجات المطلوبة ثم استسلمنا في الاسبوع الثالث! وبالتأكيد أنك سمِعت أحدهم يقول يومًا بأنه سيتبع نظام قاسٍ لإنقاص الوزن وسيكتفي بالتمر والماء ثم استسلم لفشله ب

فضيلةُ الصمت وفنُّ الاستماع!

عندما كنتُ في المرحلة الثانوية -عام ٢٠٠٨- كان أحد أصدقائي قليل الكلام، لدرجة كان يعتقِدُ بها البعض بأنه يُعاني من مُشكلةً ما. وأتذكرُ جيدًا حينها بأن بعض الأصدقاء كانوا ينعِتونه سُخريةً بلقب 'رفيقُ الصمت'، ولأصدقكم القول بأن صمت صديقي عبدالرحمن كان يُثير فضولي ويجعلني أتحدث معه أكثر من أي أحد آخر. فعندما أتحدث معه أشعر حقًا بأن كلماته لها أثرُ السحر على خلايا دماغي، وهدوءه يبعثُ في نفسي الطمأنينة، وعندما أُخبِرهُ بموضوعٍ ما أشعرُ بأن العالم بأسره يسمعني في تلك اللحظة. حقيقةً لم يكن عبدالرحمن مُجرد صديق مرّ علي أثناء رحلتي الدراسية، بل كنتُ تلميذًا استلهمُ منه فنّ الصمت وجمال الحديث. وقد قال لي مرّةً :" يُوسف، أتعلمُ بأن الصمت ثروة لا يعلم عنها الكثير من الناس؟ فالصمت يُجنبك الدخول في المشاكل، ويمنح عقلك فرصة ترتيب أفكاره ليجعلك تُقابل الناس بأبهى صورة لك، ولتعرف قيمة الصمت، فقد جعله الله عز وجل آية لزكريا عليه السلام، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتحنّث (أي يتعبد) في غار حراء بعيدًا عن البشر باحثًا عن الصمت والهدوء". وقد قرأتُ مرةً في نصائح جاكسون براون لابنه -عن

القلق من المجهول!

 القلق، القلق، القلق، لا يبدو أحدًا منّا لم يُعاني يومًا من القلق. عندما كنتُ في السادسة من عمري وبعد فقدان أبي بثلاثِ سنوات فقط، أجرت والدتي عملية جراحية ومن هُنا بدأت رحلتي مع هاجس (القلق)! في إحدى صباحات يناير الباردة دخلت والدتي المستشفى لإجراء عمليتها في أحد مستشفيات الدمام، وحقيقةً يومها لم يبدو وجه خالي مستبشرًا وسعيدًا، حتى أننا لم نستمع -كما هو مُعتاد- أثناء رحلتنا إلى الدمام لمحمد عبده وهو يُغني "ياليل خبرني عن أمر المعاناة هي من صميم الذات ولا أجنبية"! فـ خالي يبدو بأنه قد اكتفى من مُعاناة ذلك اليوم قبل أن يبدأ، ومُنذ ذلك الحين كان لقائي الأول مع القلق. بفضل الله عز وجل خرجت أمي من العملية تلك بصحة جيدة وانتهى كُل شيء على ما يُرام، ولكنني لا زلت أعاني من القلق، حتى أنني كنتُ أتحسسُ قلب أمي منتصف كُلّ ليلة بين الحينِ والآخر ليطمئن قلبي وأنام! استمرّ الحال هكذا لفترة من الزمن، حتى دخلت إلى المدرسة وابتدأ قلقٌ آخر، قلق الحياة المدرسية والصحبة الجديدة، وتحذيرات الأهل من رفقاء السوء ومن الفشل في أحد المواد والتأخر عن أقراني، ثم مضى معي القلق لا يتركني حتى نهاية آخر سنة

نحنُ نعيش حياة تعيسة جدًا!

خلال ثلاثون عامًا قضيتها والتقيت خلالها بالكثير من البشر، أدركت إلى حد كبير بأن معظهم لم يكن راضيًا عن حياته بشكلٍ أو آخر. يقول لي صديقي عبدالله والحُزن يختلجُ عينيه :" لو لم يتوفى أبي لكان قد رأى ابني سعد وهو ينطق اسمه لأول مرة"! ويقولُ صديقي الآخر: كنتُ سألتحق ببرنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي لو حصلت على خمسُ درجات أعلى في مُقرر علم الأنسجة! الحقيقة أن هذا هو تفكير معظم البشر، فالإنسان بطبيعته لا يرى ما بين يديه من نعم وانجازات، فلو حقق المركز الثاني في مسابقةً ما لكان حزينًا بدرجة أكبر من تحقيقه للمركز الثالث، فهو باعتقاده أنه كان قد قاب قوسين أو أدنى من الظفر بالجائزة! فـ صديقي عبدالله لم يستمتع بالكلمات الأولى التي ينطقُ بها ابنه، وصديقي الآخر لم يتلذذ بفرحة الإنجاز والتخرج من الجامعة! الحال نفسه ينطبق على الكثير منا، فمعظمنا مررنا بوقت ظننا فيه أننا من أتعس الناس حظًا في الدنيا، وبأننا لم نحصل على ما نستحقه، رغم ما نحن به من نعم كثيرة حصلنا عليها ونسيناها! يجب عليك يا صديقي بأن تُدرك حقيقة أنك لن تحصل على كُل ما تُريد، ولكن تأكد بأنك ستحصل على ما يجعلُك سعيدًا بقد

ماذا علمني كورونا ؟!

بعد محادثة قصيرة مع صديقي المُقرّب خلال قضاء أيام الحجر المنزلي المصاحب لتفشي جائحة كورونا خلال عام 2020 أدركنا أنه ثمّة أشياء كثيرة لا تعوّض. أدركنا حقيقة أن المال لا يشتري السعادة وبأن الصحة هي أثمن ما يتمتع به المرء، أدركنا بأن احتساء قهوة الصباح كل يوم في مكتبنا الصغير وإنجاز مهام أعمالنا هي نِعم، كما أدركت بأن استقبال ابني لي بعد العودة من يوم عمل شاق وتناول وجبة الغداء مع زوجتي كُلها نِعم، يا رجُل أصبحت افتقد المناسبات العائلية التي كنتُ أتهرب منها لسبب أو آخر، افتقدت الكثير خلال هذه الفترة، الصلاة في المسجد وقراءة كتابي المفضل في الحديقة وحتى جمعات الأهل نهاية كل أسبوع! الحقيقة أن أزمة كورونا جعلتنا نعيد الكثير من الحسابات، كما جعلتنا نعيد ترتيب الأولويات في حياتنا. الحياة خلال أزمة كورونا كانت أشبه بحياتنا عندما نفقد شخصًا عزيزًا بعد موته ونتمنى أن يعود بنا الزمن لنعوّضه عمّا فات، لكن الفرق بأن هذه المرة أنت موعود بفرصة العودة لِمن تفتقده وتقول له كل ما يجول بخاطرك، لا تبخل بأن تقول لأمك أنك تحبها أكثر من أي شيء آخر، لا تفوت فرصة تقبيل ابنتك، وابداء اعجابك بفستان زوج

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!

بين ليلة وضحاها باتت شوارع منطقتي الاحساء -شرقيّ المملكة العربية السعودية- شبه خاليه، لا أطفال في الحدائق، ولا طلاب في المدارس، وجامعات أشبه بالمقابر الخاوية على عروشها! الحقيقة أن ذلك هو حال أغلب بلدان العالم. توقفت الحياة، خُليت الملاعب الرياضية ودور العرض الفنية و انهارت بورصات الأسواق العالمية بسبب أزمة فيروس كورونا الجديد كوفيد١٩. البعض يعتقد بأن السبب هي حرب بيولوجية كما يرى 'شباب الديوانية' والآخر يرى بأنه عقاب إلهي كما يرى الشيخ المصري الكبير وهو يُقلّب القنوات التلفزيونية! إلا أن ذلك كله لا يعدو عن كونه توقعات لا أصل لها. لاشك أن العالم يمر بمنعطف صعب واختبار حقيقي لرؤية كيف سيتّحد البشر ويصمد أمام هذا الكائن الدقيق مع أن الفيروس لا يبدو حتى الآن ذلك العدو الشرس الفتّاك، ولا شك في أن العالم سيتجاوز هذه المحنه بأمر الله عز وجل ثم بتضافر الجهود البشرية. التاريخ يحكي لنا كيف تغلّب البشر على العديد من الأوبئِة 'القاتلة' أمثال الطاعون والسارس -الذي قضى على ما يُقارب ١٦٪؜ من مرضاه- وكذلك متلازمة الشرق الأوسط (ميرس) والذي قضى على ١٣٪؜ من مُصابيه في حين أن منظمة