نحنُ نعيش حياة تعيسة جدًا!


خلال ثلاثون عامًا قضيتها والتقيت خلالها بالكثير من البشر، أدركت إلى حد كبير بأن معظهم لم يكن راضيًا عن حياته بشكلٍ أو آخر.
يقول لي صديقي عبدالله والحُزن يختلجُ عينيه :" لو لم يتوفى أبي لكان قد رأى ابني سعد وهو ينطق اسمه لأول مرة"! ويقولُ صديقي الآخر: كنتُ سألتحق ببرنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي لو حصلت على خمسُ درجات أعلى في مُقرر علم الأنسجة!

الحقيقة أن هذا هو تفكير معظم البشر، فالإنسان بطبيعته لا يرى ما بين يديه من نعم وانجازات، فلو حقق المركز الثاني في مسابقةً ما لكان حزينًا بدرجة أكبر من تحقيقه للمركز الثالث، فهو باعتقاده أنه كان قد قاب قوسين أو أدنى من الظفر بالجائزة!

فـ صديقي عبدالله لم يستمتع بالكلمات الأولى التي ينطقُ بها ابنه، وصديقي الآخر لم يتلذذ بفرحة الإنجاز والتخرج من الجامعة!

الحال نفسه ينطبق على الكثير منا، فمعظمنا مررنا بوقت ظننا فيه أننا من أتعس الناس حظًا في الدنيا، وبأننا لم نحصل على ما نستحقه، رغم ما نحن به من نعم كثيرة حصلنا عليها ونسيناها!

يجب عليك يا صديقي بأن تُدرك حقيقة أنك لن تحصل على كُل ما تُريد، ولكن تأكد بأنك ستحصل على ما يجعلُك سعيدًا بقدر كافي جدًا.

إن الرضا بالقضاء والقدر، وبما رزقك الله بهِ في الحياة الدنيا هي أسمى ما قد تصل إليه النفس البشرية، وعندما تصل إلى تلك القناعة ستُدرك حينها راحة البال وسعة الصدر!

استمتع دائمًا بيومك، انتبه للتفاصيل الصغيرة جدًا في حياتك، أسمح لنفسك بالضحك دون قيود عندما تسمع نُكتة أخيك الصغير، وأجعل جميع حواسك تتحرّك عند احتساء شاي المغرب مع والدتك، وتذكر دائمًا بأنك مُحاط بالكثير من النعم التي تمنيت يومًا ما تحقيقها ولكنك فقط نسيت نشوة الفرحة الأولى بها!

                                   

                                                              يُوسف عادل

سأكون مُمتن لمن يُشاركني أي ملاحظة أو إنتقاد عبر بريدي الإلكتروني:
‏Yosuefad@gmail.com

٢٥ يوليو ٢٠٢٠

تعليقات

  1. عش اللحظة واستمتع بالثانية مقال جميل وهادف أ. يوسف

    يوسف الرويشد

    ردحذف
  2. ما شاء الله ...
    كلمات معبرة عن حالة نعيشها جميعا قلما تحدثنا حولها او كتبنا عن تفاصيلها بوضوح كما هو في مقالك الرائع ...
    شكرا من القلب ... فلقد وصلت الرسالة إلى صميمه ...

    ردحذف
  3. ابعداع ياصديقي
    وصفت مابداخل الجميع ببعض السطور
    قصير ولاكن مليئه
    صديقك نور

    ردحذف
  4. مقال رائع أ.يوسف.. بورك قلمك 👏🏻

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثُمّ ماذا ؟

الهشاشة النفسيّة!

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!