شكرًا عبدالعزيز!

 قال لي صديقي عبدالعزيز ذات مرّة :" يُوسف، أنت تتمتع بكاريزما القائد وحسن اتخاذ القرار"! رُبما كانت مجاملة منه أو تنبؤ، لا أعلم حقيقة، ولكن ما أنا مُتأكدًا منه أنها غيّرت الكثير في نفسي، فقد تسللت كلمات عبدالعزيز إلى أعماقي وغيّرت شيئًا ما!

كُنت قبل كلماته بسنتين فقط قد فقدت مُلهمي وموجّهي الأول، خالي إبراهيم، ثم بعدها بفترة وجيزة فقدت ابنتي قبل سماع صرخاتِها الأولى، ومن حينها تحولت لإنسان ضعيف، مُهشّم من الداخل، لا أستطيع تحديد ما سأفعله غدًا من شدّة اليأس، إلا أن كلمات عبدالعزيز هذه أنسابت بين خلايا دماغي الرمادية وجعلتني أبحث في أعماق نفسي لأرى الحقيقة التي تحاول الظروف اخفاؤها، واليوم أستطيع القول بإني أصبحت رجُلًا مختلفًا تمامًا بفضل الله عز وجل ثم كلمة.

هذه القصة وغيرها من القصص عبر التاريخ تؤكّد مدى تأثير الكلمة وسحرها في تغيير الأحوال، فالكلمة هي بوابة المستقبل التي يُحدثونا بها في الروايات.

تقول ويلما رودولف -الفائزة بأربع ميداليات في الأولمبياد- :" أخبرني الأطباء بأنني لن أستطيع المشي مجددًا، وكانت أمي تقولُ لي بأنني أستطيع، فصدقت أمي". ويلما كانت قد أصيبت بشلل الأطفال عندما كانت في سن أربع سنوات لكنّ كلمات أمها هي من قادتها لتُصبح أسرع إمرأة على وجه الأرض.

والحقيقة أنّي أصبحتُ أتأملُ ذلك في تعاملاتي مع الآخرين، فعندما أرى شخصًا قد اشترى ساعةً جديدة امتدحها بكُلِّ صدق ثم ألاحظ نظر هذا الشخص لساعته بإعجاب وكأنها المرة الأولى التي يراها والابتسامة لا تُفارق وجهه، وعندما يُتقن ابني نُطق كلمةٍ جديدة أنبهر بإعجاب وتصفيق لا مثيل له ثم لا يبرح يُرددُها حتى يحضى بنفس التشجيع والمُكافأة في كُلِّ مرّة دون أن يسأم، وهكذا تستمرُّ الحياة بجمالها، لأن هذه هي فطرة الإنسان، فنحنُ نكبر ونتطور بكلمة ونموتُ بها.

لا تتوانى في المديح يا صديقي، امتدح هِندّامَ صديقك، امتدح براعة 'الباريستا' عندما يرسمُ لك قلبًا على كوب قهوتك، وامتدح الخِصال السوداء التي بقيت في شعر والدتك، فجميعُنا نُحِبُّ المدح ونحتاجهُ بقدر حاجتنا للحياه، ولذا فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" والكلمة الطيبة صدقة".


5 نوفمبر 2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثُمّ ماذا ؟

الهشاشة النفسيّة!

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!