المشاركات

الخلطة السريّة للنجاح!

يلفِتُ نظري بإعجاب الدكتور عادل بن أحمد الشعيبي، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل، والذي يشغل منصب المشرف العام على إدارة المعامل المركزية، بالإضافة إلى رئاسته للمركز الوطني لأبحاث الموهبة والإبداع ومشاركته في عدد من اللجان المتفرقة بالجامعة. ورغم تعدّد مسؤولياته، لا يتوانى عن حضور المؤتمرات والمشاركة في الأبحاث العلمية، مواصلًا تطوير نفسه بكل شغف. أما اجتماعيًا، فحضوره بارز في الجمعيات الخيرية، وحملات الحجّ السنوية، واللقاءات الأُسريّة، وكل ذلك بابتسامته الدائمة وترحيبه الصادق الذي لا يتغيّر. وعلى المستوى العالمي، يبرز اسم معالي الأستاذ ياسر الرميان، رئيس صندوق الاستثمارات العامة، ورئيس مجلس إدارة أرامكو، ونادي نيوكاسل الإنجليزي. فرغم ضخامة مسؤولياته، فهو لا يتوانَ عن حضور الاحتفالات الوطنية والمناسبات العالميّة، كما أنه لا يزال مُتمسّكًا بهوايته المفضلة وهي رياضة الجولف، التي يجد فيها متنفّسًا عن ضغوط الحياة. ما يشترك فيه هذان النموذجان المُلهِمان ليس امتلاكهم لعصًا سحرية أو قدراتٍ خُرافية، بل ميزتان جوهريتان، الأولى هي إنجاز المهام دون تسويف، والثانية إتقان ترتيب الأولويات وتخصيص ...

أمي تقول: سيّد القوم خادمهم!

تقول أمي وهي تناولني كوب الحليب في ليلة شتاء باردة مُبرّرةً خدمتها لي "سيّد القوم خادمهم يا يوسف" وكأنها أرادت بذلك أن تغرِس في داخلي مبدأً من ذهب، لا مجاملة ولا ضعف فيه، بل قمة القوة والرفعة الا وهي خدمة الآخرين. أما غاندي فيقول "أفضل وسيلة لتجد نفسك، أن تكرّس نفسك في خدمة الآخرين"، حيثُ أدرك غاندي بأن من أعظم طرق كسب القلوب أن تخدم الآخرين كما تحب أن يخدموك، وأن تبادر بالعطاء قبل أن يُطلب منك، فمدّ يد العون لا يُقلّل من قدرك، بل يرفعك درجات! وهذا بالضرورة ما يجب أن تُدرِكهُ يا صديقي، فمنذ بضعة سنون مضت تعلّمت قيمةً مُضافة وسر من أسرار كسب القلوب وهي أن تخدم الناس كما تُحب أن تُخدم، أن لا تتوانى ولا تتأخر عن مد يد العون وتقديم ما تستطيع تقديمه برحابة صدر. يقول العالم والفيلسوف الألماني ألبرت شفايتزر :" غرض الحياة البشرية هو أن نخدم، ونُظهر التعاطف، ونملك الإرادة لمساعدة الآخرين" حيث يزعم ألبرت بأن المبادرة في خدمة الناس والتعاطف معهم تُعد من أنبل الصفات التي تمكّن الإنسان من كسب قلوب الآخرين والتأثير فيهم. ولعليّ أدركتُ ذلك جيدًا عندما أصبحتُ رئيسًا للمخت...

النجاح مشروع وليس هدف!

قبل أن يشعّ نور الإسلام، أوحى الله عز وجل إلى نبيه محمد ﷺ أن يتحنّث في غار حراء ثم أرسل إليه جبريل عليه السلام، لتبدأ أولى خطوات البعثة النبوية. ومن حكمة الله عز وجل أنه لم يأمره بنشر الدعوة فورًا، بل هيّأه أولًا لبناء مشروع متكامل قبل نشر رسالته، فكان التمهيد والتخطيط جزءًا لا يتجزأ من تحقيق الهدف الأعظم. أما صديق النادي، العمّ عبدالرحمن البالغ من العمر 61 عامًا ونيِّف، فقد حدثني عن مشروع ما بعد التقاعد والذي نجح من خلاله في خسارة ٢٥ كيلو  من وزنه خلال سنة واحدة فقط ليتحوّل من رجل سمين من الدرجة الثانية إلى رجل رياضي بإمتياز - بل وأصبح يُقدّم النصائح في مجاله- حيث لم يكن نجاحه وليد الحظ، بل كان نتيجة تخطيط متكامل بدأه بوضع نظام غذائي متوازن إلى تحديد مواعيد الذهاب إلى الصالة الرياضيّة بدقّة وضبط مواعيد نومه واستيقاظه! أما أكثر المشاريع الإلهاميّة للسعوديين في الخمسين سنة الماضية، كانت رؤية القائد المُلهم الفذّ سمو الأمير محمد بن سلمان عندما أعلن في العام ٢٠١٦ عن رؤية المملكة ٢٠٣٠، ليضع بذلك أساس يُلهم جميع السعوديين والعالم أجمع إلى أن أي مشروع ترغب في إنجازه هو فرصة قابلة جدًا لل...

انتقِ حرفك!

يأسِرُنيّ الأدب بكافّة صورهِ، في الفعل والأمر والطلب وحتى السؤال! قدِم عُمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه في وقت مُتأخر من الليل على أمّ كانت قد اشعلت نارًا لتطهوَ طعامًا يُسكتُ جوع صغارها، فلما رآها الفاروق ذهب إليها ليستفسر عن سبب إشعال النار في هذا الوقت المتأخر قائلًا:" السلام عليكم يا أهل الضوء" ولم يقل يا أهل النار، حيثُ لم يُسمَي النار نارًا حرصًا منهُ رضي الله عنه بأن لا ينسب النار لهم، في تجلٍ مُذهل لرقّة العبارة وسموّ الأخلاق. وهذانِ أحفادِ رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحسن والحسين" رضي الله عنهما قد دخلوا المسجد على مُسنّ كان لا يُحسنُ الوضوء، ومن أدبهم أنهما لم يقولا له افعل هذا وأترك ذاك، بل عمِدوا لأن يخاطبونه بكُل أدب قائلين ما رأيك أن تكون حكمًا بيننا فيمن يُحسن فينا الوضوء؟ فشرِعا رضيّ الله عنهما في الوضوء حتى انتهيا منه وقد وصلت الرسالة للرجل المُسنّ عندما قال بل أنكما تُحسنان الوضوء أكثر مني، وصلت الرسالة بأعلى أساليب الأدب ووفق التربية والضوابط المُحمّديّة! أما خالي إبراهيم -رحمه الله- فقد تعلّمت منه شيئًا لا زلتُ أمارسه في حياتي حتى يومنا هذا، وهو ا...

أبو العرّيف!

 في مجلس عيد الأضحى الفائت، أخذ الشاب عُمر الذي انهى للتو مرحلته الثانوية دفّة الحديث لشرح حيرته في اختيار التخصص المناسب له في الجامعة، هل يذهب لكلية صحية أم كلية الهندسة أم يلتحق بكلية الملك فهد الأمنية للضباط؟ أخذت الأصوات تتعالى في المجلس، بين مؤيد لتخصص الطب ومُعارض لفكرة الالتحاق بكلية الهندسة وبين من يُصر بأن التحاقه بكلية الضباط هو شرف لن يحظى بهِ إلا ثُلّة قليلة من الناس! ما إن أنهى عُمر حديثه، وظفر بعدد لا محدود من الآراء التي زادت من حيرته، حتى بدأ العم عبدالله بالحديث عن عدم انتظام السُكر لديه، ليحظى هو الآخر بعدد لا محدود من الوصفات الطبية، منهم من قال عليك بشراب الزنجبيل في الصباح الباكر، ومنهم من أدعى بالأثر العظيم لأبر المونجارو في ضبط مستويات سكر الدم وهكذا حتى أنفضّ المجلس وغادر الحضور ولا زال عُمر في حيرته والعم عبدالله غارق في سُكّره! الحقيقة يا صديقي أن ذلك هو ديدن جميع شعوب العالم، فهذا صديقي الحلاق الباكستاني شكيل داتا، الذي أعرفه مُنذ ما يُقارب الخمسة عشر عامًا، لا زال يرشدني في كُل مرّة إلى وصفات لمنع تساقط الشعر تارة ووصفات لإنقاص الوزن تارةً أخرى، مع أن ش...

الهشاشة النفسيّة!

يقولُ لي صديقي أحمد الذي زار طبيبين قلب وخمسة أطباء باطنية وعدد لا محدود من أطباء الأسرة وهو يحملُ تنهيدةً لا زالت تعلقُ في ذهني حتى الآن "تعبت"! أحمد كان يشعر بنغزات في قلبه تارة وآلام في صدره تارةً أخرى ولا تزال الكوابيس تُطارده في كُل ليلة حتى ظنّ أنه مُلاقٍ حتفه لا ما حال مع أن الأطباء يُصرّون في كُل مرة بأن جميع الفحوصات سليمة ولا يوجد ما يدعو للقلق! الحقيقة أن هذه النغزات والآلام وغيرها من الأعراض، هي كانت في الأساس عرض لمرضٍ خفي لم يتنبّه لهُ أيًا من هؤلاء الأطباء اللذين زارهم أحمد وهو مرض تسببت به "الهشاشة النفسية"! يقولُ لي أحمد وقد انفرجت أساريره قليلًا بعد أن تمكّن من تجاوز تلك الذكريات السيّئة، بأن صديقًا قال له ذات مرة ما رأيك أن نتحدث مع طبيب نفسي لعلّنا نجد ضالتنا! رفضت في البداية ولكن وبعد أن تمكّن الأمرُ مني، سمعت نصيحته وذهبت للطبيب، حقيقة يا يوسف شعرتُ بعد ثالث جلسة مع الطبيب النفسي بأن جبل كجبلِ أُحد بدأ يتفكك وينزاح عن صدري! يا لها من حياة كنتُ أعيشُ فيها يا رجُل! 😅 مشكلة أحمد لم تكن من وحي الخيال، أو من قصص ألف ليلة وليلة، بل هي مشكلة العصر ال...

شعرتي البيضاء!

قبل بضعة أشهر قليلة قرّرت شعرة واحدة من شعر لحيتي بأنّ تتخلف عن نظيراتها الشُعيرات الأخرى وتّتخذ لونًا مُخالفًا لهم لتكتسي باللون الأبيض. العلم الحديث يزعم بأن ذلك بسبب نقص صبغة الميلاتونين في الجسم، فكُلّما تقدّم الانسان في العُمر نقصت هذه الصبغة وبالتالي يتغيّر لون الشعر الى اللون الأبيض، أما عُلماء النفس فيقترحون بأن ذلك بمثابة احتجاجٌ طبيعيّ من الجسم تُجاه الضغوطات النفسية والقلق التي يتكبّلها بين الحين والآخر! أما أنا، فـ أزعُم بأن هذه الشعرة قد اضائت في قلبي ما يُضيئه البدرَ في صحراء قاحلة شديدةُ الظلام! هذه الشعرة أتت لتُخبرني بكُل لطف بأني قد أعطيت الحياة من هموم وتفكير أكثر مِمّا تحتمل، بصيغة أخرى، أتت هذه الشعرة لتُخبرني بأن الحياة قصيرة، والعمر يمضي وأنا لا زلت لم استمتع كما يجب أن استمتع! ثمّة مقولة أخبرني بها صديقي علي في أحد المرّات وأنا أتناقش معه لا زالت ترسخُ في ذهني، صديقي علي كانت ابنته قد عانت من مرضٍ ما مُنذ ولادتها، ثم أدرك حينها بأن جميع الصراعات التي كان يخوضها مُجرد معارك خاسرة لا قيمة لها! يقول لي علي وقد رأيت الدموع تحتبس عينيه لتُحافظ على هيبته ومكانته أمامي...