أنا مُتناقض!


وأنا أدلفُ الثلاثين من عُمري، تغيّر شيئًا كبيرًا في طريقة نظرتي للحياة، فقد أصبحتُ لا أبالي كثيرًا عندما يقول لي أحدهم بأني تغيّرتُ عن السابق.

نعم أنا أتغير على الدوام، فلم أعد أكترث حقيقةً بزعل أحد الأشخاص كما كنت سابقًا ما لم أخطأ في حقه، ولم أعد أفضل تناول الوجبات السريعة كما كنت أحبها بجنون في مراهقتي وحتى أنني لم أعد أحمِل خسارة فريقي المفضل نهاية الاسبوع بمحمل الجد، وغيرها الكثير!

في الواقع، إن التغيير هو سنة الله في الكون، فالأنظمة الاقتصادية لا تبرح أن تتغير حتى تحافظ على ديمومتها، والمشاريع التجارية لا يمكن أن تقاوم عجلة التغيير الدائمة، فمن يتذكر ثورة مطاعم البرغر في بداية الألفية مرورًا بمطاعم السوشي واللحوم الفاخرة والقهوة المختصة في وقتنا الحاضر، بل وحتى أن الذوق الشخصي يختلف بمرور الأجيال، فمن كانت تستهويه أفلام سعاد حسني في الثمانينات مرورًا بمسرحيات طارق العلي في التسعينات أصبح لا يُرضي ذائقته سوى أفلام ليوناردو دي كابريو ومورغان فريمان في الوقت الراهن!

لا تنجرف يا صديقي خلف من يستنقص بفضيلة التغيير ويسخر من عدم التمسك بالآراء تحت مضلة "أنت متناقض"، الحقيقة أن التغيير ومواكبة الجديد هي العامل الرئيسي في تجدد شغفك تجاه الحياة.

فكُلما تقدمت بنا الحياة، تجددت أدمغتنا، كبُرت ونضُجت بقدرٍ كافٍ لتصبح قادرةً على التفريق بوضوح بين الخطأ والصواب، بين الحقيقة والخديعة، بين الأشخاص الصادقين وأولائِك اللذين يستخدمون وجودنا كأداة لبلوغ أهدافهم وغاياتهم!

لا تُجابه سطوة التغيير يا صديقي بل جدّفُ معها، أقرأ، أسأل وأبحث جيدًا، لا تتمسك برأي ولا تنحاز لجماعة ولا تؤمن بمعتقد ما لم تقرأه في كتاب الله أو تسمعه عن نبيّك، الحياة ليست كتابٌ سماويّ ولا منهجٌ تربويّ، الحياة أشبه بسوقٍ كبيرة تتغيّر وتتجدّد باستمرار، لا يربح فيها إلا من ينجح بالتغيير على الدوام.


٢٥ يونيو ٢٠٢١

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثُمّ ماذا ؟

الهشاشة النفسيّة!

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!