نعمة الروتين!
أعود كل جمعة من الصلاة، أُحضِّر كوب قهوتي الإثيوبيّة، أضع كسرة عود فوق قطعة فحم شارفت على الانطفاء، ثم أتصفح كتابي المفضل وفي الخلفية سورة الكهف بتلاوةٍ نجديّة للشيخ بدر التركي. روتين أسبوعي مذهل!
أما صديقي حمد، فيرى أن استيقاظه صباح كل يوم، وارتداء ملابس العمل، ثم إعداد كوب القهوة، والمرور بنفس المكاتب يوميًا، هو روتين ممل يجلب له الاكتئاب!
هذا كان حواري مع صديقي حمد حول الروتين اليومي وتكرار المهام. كنتُ أنا مؤيدًا تمامًا للروتين، بينما كان حمد يُحاربه بكل ما أوتي من قوّة!
في اعتقادي أن الروتين اليومي هو إحدى النعم التي منّ الله بها علينا، فباتباعك لنمط حياة ثابت تُساعد نفسك على زيادة الإنتاجية، إذ يُخفف الروتين من تشتت انتباهك ويجعل بدء مهامك اليومية أسهل وأسرع دون تسويف. ناهيك عن أنه يجعل حياتك منتظمة وأكثر تناسقًا؛ من ذهابك للدوام إلى تمارينك اليومية وضبط ساعتك البيولوجية، مما له بلا شك أثر إيجابي على صحتك الجسدية والنفسية.
أما صديقي حمد فيزعم أن الروتين من أكبر مسببات الملل وفقدان الشغف، وأن أي تغيّر في حياة 'أصدقاء الروتين' هو عبارة عن نافذة للقلق وارتفاع هرمون الكورتيزول السلبي!
في الواقع يا صديقي، كل شيء له إيجابيات وسلبيات، والروتين بالتأكيد أحدهم، لكن دعني أوضح لك كيف يمكن أن يكون الروتين مفيدًا، أعتقد أن اتباعك لنمط حياة ثابت يجعلك أكثر انتظامًا في تحقيق أهدافك، يقلل التوتر الناتج عن اتخاذ قرارات عشوائية، ويساعد دماغك على التركيز واستثمار طاقتك في الأمور المهمة بدلًا من الهدر في التخطيط المستمر دون إنتاجية.
وهذا لا يعني أبدًا بأن وجهة نظر صديقي حمد خاطئة، إذ عليك أن تنتبه لعدم السماح للروتين أن يسيطر عليك بالكامل. حاول أن تُغيّر بعض تفاصيل يومك بين فترة وأخرى، وتُدخل أنشطة جديدة تمنحك تجددًا وحيوية. لا تدع عقلك يشعر بالملل، بل حفّزه ليكون قادرًا على التكيف مع التغيرات والفرص الجديدة.
فهناك من يرى في التكرار نظامًا يصنع الإنجاز، وهناك من يراه قيدًا يُكبّل الإبداع، حيث يعتقد أرسطو بأن الإنسان هو ما يُكرره باستمرار، لذا فإن التميّز هو عادة وروتينًا على حد قوله، أما تشارلي تشابلن فيرى بأن الحياة ليست قواعد نلتزم بها، بل أن الحياة هي أن تعيش بحريّة. بين هذا وذاك تتعدّد وجهات النظر ويسود الاحترام!
وعليك أن تُدرك يا صديقي بأن بين ما نُكرّره لنصنع منه عاداتنا، وما نهرب منه لنحافظ على شغفنا، تبقى الحياة فسحةً للاختيارات ولكُل منّا روتينه الذي يشبهه!
تعليقات
إرسال تعليق