كُن لطيفًا!

 علينا أن نتفق بأن الأسلوب اللبِق يجلُب الخير على الدوام، والكلمةُ الطيبة أقربُ طريقًا للوصول إلى قلوب الآخرين.

فإنك -مثلًا- لو أردت أن تأمُر أحدًا بشيء قد تجد إعراضًا ورفضًا منه، في حين أنك سترى قبولًا وانصياعًا مختلفًا تمامًا عندما تطلبُ منه ذلك مع بِضعُ كلماتٍ ليّنه.

أذكر خلال جائحة كورونا التي مرّت بالعالم في عام ٢٠٢٠، كنتُ أرى أشخاصًا لا تلتزم بارتداء الكمامة -التي كانت إجبارية وقتها لتقليل فرص انتقال العدوى-، بدايةً كنت أقول للشخص ارتدِ الكمامة فإما أن يُجيبني بفضاضه " مين اللي عينك مسؤول عن الآخرين؟ " أو يلوحُ بيدهِ مضطجرًا رافضًا طلبي!

بعد زمن قصير أدركت بأن أسلوبي لم يكن لطيفًا بقدرٍ كافٍ لإقناعه، فأصبحت عندما أرى أحدهم لم يرتدي الكمامة في ذلك اليوم، أقوُل له جُمل مثل " يبدو وجهك اليوم مشرقًا  يا بو فلان" أو " اشتقنا لرؤية هذه الابتسامة " يضحك مباشرةً ويبحث عن كمامته ليرتديها!

لا شيء تغيّر غير اللين في التعامل، والنتيجه هي تحقيق رضا جميع الأطراف.

ولا شك بأن الكلمة الطيبه والأسلوب اللطيف يبعثان الطمأنينة في النفوس والشعور بالرضا نحو الآخرين، ويخلُق جوًا من الإيجابية وروح التعاون بين المجموعة، بل ويزيدان من ثقة الآخرين بك ويدفعانك نحو الحصول على كُل ما تُريد دون أن يُكلفك ذلك شيئًا.

قرأتُ مرةً في أحد قصص التاريخ، أن ملكًا رأى في المنام أنه بقي وحيدًا في قصره، فأمر من معه بأن يسألوا مُفسرًا، فلما فسّر حلمه قال له أنك سترى أهلك يموتون كلهم، فجنّ جنون الملك وأمر بحبسه، وعند سؤال مفسرًا آخر، قال له أنك ستكون آخر من يموت من أهلك أيُّها الملك، فاستهلّ وجه الملك واستبشر وأمر له بمكافئة!

وقد جاء ذلك موافقًا للشريعة الإلاهية على الدوام، فقد أمر الله عز وجل موسى عند ذهابه لفرعون بلين القول، وامتدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ".

ومن اللُطفَ أيضًا أنك عندما تطلب من أحدهم شيئًا أن تُشرك نفسك معه، فمثلًا لو تأخر موظفيك في إنهاء الجرد السنوي، جرّب أن تقول لهم " نحنُ بحاجة لإنجاز الجرد السنوي خلال أقل من اسبوعين!" وعندما يحين موعد حل واجب ابنك قُل له " ما رأيك أن نقوم بحل الواجب الآن؟ " وبذلك ستحصل على أفضل النتائج على الدوام.

كُن لطيفًا دائمًا يا صديقي وأنشُر عادة اللطف بين البشر وأبحث عن اللُطفاء في حياتك كما تبحث عن لُقمةَ عيشك، فنحنُ في أشد الحاجة للتحدث مع اللُطفاء والعيش معهم والتعلمِ منهم.


١٠ اكتوبر ٢٠٢٠

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثُمّ ماذا ؟

الهشاشة النفسيّة!

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!