جميعُنا نُخطأ!

 هل شعرت يومًا بالإمتنان لأستاذ الرياضيات عندما تغاضى عن عقابك بسبب عدم حلّكِ للواجب؟ وهل شعرتَ يومًا بفرحةٍ عارمة ورغبةً مُلحّة بشكر رجل الأمن بكل جوارحك عندما تجاوز عن تحرير مخالفة قطعك للإشارة الحمراء؟

ذلك هو شعور كُلُ واحدًا منّا عندما يغضُ أحدهم الطرف عن أخطائنا، فالإنسان بطبيعته لا يقبل بأي شكل لوم الآخرين له!

وعليك أن تُدرك حقيقة أن لوم الآخرين على أخطائهم لن تكون حلًا للمشكلة، بل أنها ستتسبب في تفاقمها دائمًا.

يقول ليفينجستون لارند في مقالته الشهيره 'الأب يسامح' :" بدلًا من إدانة الآخرين، علينا محاولة فهمهم، ومحاولة معرفة الدافع وراء ما يفعلونه، فهذا أكثر فائدة من النقد، وهو ما يؤدي إلى التعاطف والتسامح مع الآخرين".

والحقيقة أنك عندما تحتوي أخطاء الآخرين وتبحث معهم عن حلًا للمشكلة بدلًا من لومهم عليها، ستُلاحظ بأن الطرف الآخر يعترف بخطأه ويُقدّر لك بطريقةٍ أو أخرى عدم لومه.

قبل ما يُقارب الاثنيّ عشرة سنة تعرضت لحادث سير 'خلال عودتي من المدرسة' ما أدّى لضرر كبير في مقدمة السيارة، كنتُ خائفًا جدًا حينها من تأنيب خالي حتى أنني كنتُ انتظر عودته من عمله وأنا أدعو الله بأن تكون 'الصفعه' أقلُ قوةً مما أتخيّل، لكن المفاجأة أنه قال وبكُل بساطة :" أهم شي أنت بخير ؟ الحمد لله " بكل هذه البساطة!

أدركتُ حينها أهمية عدم لوم أحدًا على خطأه، فالإنسان بطبيعته لا يتقبل النقد على ما يفعله حتى وإن كان على خطأ.

وذلك يتضحُ جليًا في بيئة العمل -على سبيل المثال- فعندما يُرسل الرئيس ملاحظاته للموظف على عمله، تجد الموظف لا يتقبل ذلك برحابة صدر، بل وقد يعتبر بأن الرئيس يستقصدهُ على الدوام، والحقيقة التي يُحاول هذا الموظف اخفاؤها هي أنه لم يُتقن العمل كما يجب، ولكنّ طبيعته كإنسان تُجبره على رفض تقبُل ذلك.

وفي تعاملك مع ابنائك أيضًا، رُبما تلاحظ انزعاج ابنك عندما تُكرر عليه نفس التعليمات في كُل مرة يُخطأ فيها، بل وقد يتسبب ذلك في إحداث فجوة بين الأب وابنه، فالبرغم من أن طبيعة الآباء -على الدوام- هي تصحيح أخطاء الابناء إلا أن غريزة الإنسان تفرض عليهم عدم تقبل اللوم من أي شخص كان. 

جرّب بأن تبحث مع ابنتك أسباب اخفاقها في نيل الدرجة المطلوبة في امتحان القدرات العامة دون أن تُشعرها بتقصيرها، وسامح ابنك عندما يُهشّم الأطباق التي اشتريتها مؤخرًا، وكُن أول من يحتضن أخيك بعد ما يُنهي عقد عمله ويبحث عن عملٍ جديد دون أن تُشعِرهُ بأن قراره كان مُتسرّعًا، حينها ستُلاحظ قبولًا وارتياحًا مُختلفًا تمامًا في اعترافهم بخطأهم وتقبله والعمل على تصحيحه.

وعليك بأن تُدرِك يا صديقي بأن الأخطاء هي اللبِنات التي ستُشيّد عليها قصرَ نجاحك، وأن أخطاء الآخرين هي دروس مجانية لتعلُّم أن ذلك كان أحد طرق الفشل التي يجب عليك تجنبها.


٢٠ ديسمبر ٢٠٢٠

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثُمّ ماذا ؟

الهشاشة النفسيّة!

وباء كورونا ما بين المبالغة والواقع!